كتبت. انجي جمال
أصاب اسمه بأسوأ مجاعة عرفتها مصر علي مدار تاريخها الطويل وكان لسياسته السيئة في الإدارة هي السبب في وصول البلاد إلي ما عرف بالشدة المستنصرية حيث انتشر الطاعون ليحصد الأرواح حصدا متزامنا مع جفاف النيل ليعم القحط مصر ويأكل الناس بعضهم بينما وقف هو سبع سنوات كاملة عاجزا عن فعل شئ للخروج من تلك الأزمة حتي استعان أخيرا بأمير جيوشه في بلاد الشام
ليضع نهاية لتلك المأساة
التي ابادت ثلث سكان مصر إنه الخليفة الفاطمي المستنصر بالله
قبل أن نتحدث عن المستنصر بالله يجدر بنا أن نتوقف قليلا عند سيرة والده الخليفة الظاهر لاعزاز دين الله أبو الحسن علي والذي تولي الحكم عام 411ھ وهو بعد في السادسة عشر من عمره وذلك بعد الاختفاء الغامض لأبيه الخليفه الحاكم بأمر الله خلافا لرغبة والده الذي أراد توريث الحكم لأبن عمه عبدالرحيم لما رأي من إبنه من انغماس في الملاذت علي نحو يهدد البلاد لكن بعد اختفاء الحاكم اسرعت اخته الكبري ست الملك بتتويج ابن اخيها ليتولي العرش في حين القي القبض علي ابن العم عبدالرحيم واعدم حتي ترك الظاهر شئون الحكم لعمته وانهمك هو في ملاذته وإن حاول ارضاء الرعية وكسب حبهم بعد أن أخذهم والده بالشدة سنين طويلة ولكن سياسته في الادارة تسببت في بعض الأزمات التي عصفت بالبلاد لكن كل تلك الأزمات لا تساوي شئ أمام الشدة العظمي في عهد ابنه المستنصر بالله الذي خلف والده علي العرش بعد وفاته 427 ھ لتحل علي مصر لعنه حقيقة نسي فيها الناس ادميتهم وتحولوا الي وحوش مرعبة تأكل بعضها بعض فكيف وصلت الامور إلي هذا الحد المذري
ولد المستنصر بالله معد بن الظاهر عام 420 ھ أي إنه كان في السابعة والنصف من عمره حين تولي عرش الدولة الفاطمية وبذلك وجد الخليفة نفسة عاجزا عن ادارة دولة مترامية الأطراف كالدولة الفاطمية وهو الخليفة الفاطمي الثامن والإمام الثامن عشر في سلسلة أئمة الشيعة الإسماعيلية.
al-Mustansir Billah
المستنصر بالله الفاطمي
كانت الدولة الفاطمية حين اعتلى عرشها الخليفة المستنصر بالله الفاطمي قد استقرت تمامًا، واتسعت اتساعًا هائلاً، وبلغت دعوتها الشيعية أقصى مدي لها في الذيوع والانتشار ، وامتلئت خزائنها بالأموال، غير أن وقوعها في أيدي المغامرين والطامحين، واشتعال الفتن والثورات بين فرق الجيش، والتنافس على الجاه والسلطان أضاع منها كل شيء، واختُزلت الدولة التي كانت تمتد من أقصى المحيط الأطلس إلى الفرات في مصر فقط، وبعد أن كانت ترفل في غناها وثرائها وكثرة خيراتها أصبح يعلوها الذبول والشحوب بفعل المجاعات التي أصابتها. هذا التحول من السعة إلى الضيق ومن الغنى إلى الفقر هو ما شهده عصر الخليفة المستنصر بالله الفاطمي.
🔗عصر القوة والازدهار
في صبيحة يوم الثلاثاء الموافق (17من جمادى الآخرة 420هـ =3 يوليو 1029م) ولد أبو تميم معد بن الخليفة الظاهر لإعزار دين الله في القاهرة، ولا يعرف شيء عن حياته الأولى قبل توليه الخلافة التي اعتلاها وهو دون الثامنة من عمره بعد وفاة أبيه في (15 من شعبان 427هـ = 13 من يونيو 1036م).
وكانت البداية الأولى لعصر المستنصر بالله زاهية ناضرة بفضل الوزير القوي أبي القاسم علي بن أحمد الجرجرائي، في تاريخ الدولة، وقد زار مصر الرحالة الفارسي ناصر خسرو عقب وفاة الجرجرائي، فأشاد برخاء مصر وأمنها، ووصف نظمها ومدنها وغناها وثروتها وحضارتها وصف المعجب بما رأى وشاهد.
وامتد سلطان الخلافة ليشمل بلاد الشام و فلسطين و الحجاز و صقلية ، وشمال إفريقيا ، وتردد اسم الخليفة على المنابر في هذه البلاد، وتطلع إلى بغداد حاضرةالخلافة العباسية السُّنّية ليضمها إلى سلطانه، فنجح في استمالة “أبي الحارث أرسلان البساسيري” أحد قادة العباسيين، ومدّه بالأموال والذخائر، فثار على الخليفة العباسي واستولى على بغداد، وأقام الخطبة بها للمستنصر لمدة عام وذلك في سنة (450هـ = 1058م) وألزم الخليفة “القائم بأمر الله” العباسي بكتابة كتاب يقر فيه بأنه “لا حق لبني العباس ولا له من جملتهم في الخلافة مع وجود بني فاطمة الزهراء”، غير أن حركة البساسيري لم تستمر، ولم تعززها الدولة الفاطمية مع أنهم كانوا ينتظرون هذه الفرصة وفي الوقت نفسه كانت قوة السلاجقة قد بدأت في الظهور، فقدم زعيم “طغوكان قد سبق له أن عمل وزيرًا في عهد الحاكم بأمر الله وابنه الظاهر، وأكسبته هذه السنوات خبرة واسعة ودراية بشئون الحكم، فسيطر على الدولة سيطرة تامة وأحسن سياستها وتوجيه شئونها حتى توفي في (رمضان 436هـ = مارس1045م) بعد وزارة دامت ثمانية عشر عامًا تركت أثرًا طيبًا رل بك” إلى بغداد، وأنهى حركة البساسيري، وأعاد الخليفة العباسي إلى منصبه.
🔗اضطراب الأحوال الداخلية
بعد وفاة الوزير القوي أبي القاسم الجرجرائي بدأت أم الخليفة المستنصر تتدخل في شئون الدولة وصار لها الكلمة الأولى في تعيين الوزراء والإشراف على تصرفاتهم، وأصبحت الدولة في يد أعوانها وتلقبت بـ”السيدة الملكة”، ويخاطبها الرجال في حضرة ابنها الخليفة بمولاتهم، ويشار إليها بالجهة الجليلة والستر الرفيع.
وأسفر تدخلها في شئون الحكم عن إذكاء نار العداوة والفتنة بين طوائف الجيش، فاشتعلت المنازعات والمعارك بينهم، ولم تجد أم الخليفة وزيرًا قويًا بعد عزل “اليازوري” سنة (450 هـ=1058م) من يمسك بزمان الأمور ويسوس الجند، وهو ما جعل أحوال البلاد تسوء بسرعة ويعمها الفوضى والاضطراب، ويحل بها الخراب.
لنتحدث عن الشدة المستنصرية
🔗الشدة المستنصرية
شاءت الأقدار أن لا تقتصر معاناة البلاد على اختلال الإدارة والفوضى السياسية، فجاء نقصان منسوب مياه النيل ليضيف إلى البلاد أزمة عاتية، وتكرر هذا النقصان ليصيب البلاد بكارثة كبرى ومجاعة داهية امتدت لسبع سنوات متصلة من (457هـ = 1065م) إلى سنة (464=1071م)، وعُرفت هذه المجاعة ب الشدة المستنصرية أو الشدة العظمى.
وقد أفاض المؤرخون فيما أصاب الناس من جراء هذه المجاعة من تعذر وجود الأقوات وغلاء الأسعار، حتى ليباع الرغيف بخمسة عشر دينارًا، واضطرار الناس إلى أكل الميتة من الكلاب والقطط، والبحث عنها لشرا